نطاق تطبيق القانون الجنائي من حيث المكان والأشخاص
I)
قاعدة إقليمية القانون الجنائي:
نص الفصل 10 من المجموعة الجنائية:" ويسري التشريع
الجنائي المغربي على كل من يوجد بإقليم المملكة من وطنيين وأجانب وعديمي الجنسية،
مع مراعاة الاستثناءات المقررة في القانون العام الداخلي وفي القانون الدولي."
ونفس القاعدة أكدتها بشكل أكثر وضوحا المادة 704 من
المسطرة الجنائية في باب اختصاص القضاء المغربي إذ جاء فيها : " تختص محاكم
المملكة المغربية بالنظر في كل جريمة ترتكب في الأراضي المغربية أيا كانت جنسية
مرتكبيها".
والقاعدة أن هناك تلازم بين اختصاص القضاء الجنائي
والقانون الجنائي المطبق أمامه، فالمحكمة المغربية تطبق القانون الجنائي المغربي.
أ- مدلول
القاعدة:
تفيد قاعدة إقليمية ق.ج أن ق.ج للدولة يسري على كل
الجرائم التي ترتكب داخل إقليمها أيا كانت جنسية مرتكبيها ولو كان عديم الجنسية
وهذا هو الشق الإيجابي للقاعدة، ومقابل طلك لا يمتد إلى جرائم ترتكب خارج إقليم
الدولة أيا كانت جنسية مرتكبيها وهذا هو الشق السلبي للقاعدة.
وأكدت ذلك المادة 705 و 706 م .ج في باب اختصاص المحاكم
المغربية، وبالمقابل فإن ما يرتكب في سفن وطائرات أجنبية لا يخضع للقانون المغربي
إلا استثناءا لو وجدت بالإقليم المغربي.
ب- مكان ارتكاب الجريمة:
إن تطبيق قاعدة إقليمية ق.ج يفيد
سريانه على الجرائم المرتكبة كليا داخل إقليم الدولة تطبيقا لمبدأ السيادة
وبالتالي الاختصاص الوحيد للدولة على إقليم وبالتالي فإن مكان ارتكاب الجريمة يعد
شرطا آخر لتطبيق القاعدة.
إن تحديد مكان ارتكاب الجريمة
لا يطرح إشكالا إذا كانت الجريمة تحققت كل عناصرها في المغرب ولو تم التحضير لها
بالخارج، وكذا لو تحققت محاولتها بالمغرب أيا كانت جنسية المرتكب أو الضحية.
لكن تعد أيضا مرتكبة بالمغرب
إذا تحققت به بعض الوقائع المنصوص عليها في ق.ج والتي تشكل العناصر المكونة
للجريمة مما تقوم معه المساهمة ولو تحقق البعض الآخر بالخارج أيا كانت جنسية
المرتكب أو الضحية.
لكن تعد أيضا مرتكبة بالمغرب
إذا تحققت به بعض الوقائع المنصوص عليها في ق.ج والتي تشكل العناصر المكونة
للجريمة مما تقوم معه المساهمة ولو تحقق البعض الآخر بالخارج أيا كانت جنسية
المرتكب، فيكفي أن يتحقق أحد العناصر في الإقليم المغربي ليخضع للقانون الجنائي
المغربي ومثاله الجرائم المركبة فقد تتحقق كل عناصرها في المغرب أو عنصرا واحدا
فقط (فهناك فرق بين الأفعال والوقائع –
ويمتد اختصاص المحاكم المغربية
إلى البث في أعمال المشاركة ولو تمت خارج المغرب أيا كانت جنسية المرتكب وفي هذا
امتداد إلى أعمال مرتبط بالنشاط الأصلي للجريمة (الجناية أو الجنحة) الذي تم في
المغرب فيتابع المشارك وفق القانون المغربي وقد نص على هذا الحكم المادة 704 م ج، وطبقه ق الجنائي بصدد
البغاء والدعارة.
ويترتب على ذلك أنه لو كان عمل
التحضير أو المشاركة ثم بالمغرب والعنصر المكون للجريمة في الخارج فلا يخضع ذلك
للقانون المغربي، وهذا نراه نقصا في مكافحة الجريمة إذا كان القانون لا يطال
المشارك من داخل المغرب فيها أيا كانت جنسيته.
أما الجريمة المستمرة كحمل
السلاح بدون رخصة والاعتيادية فتعد مرتكبة في المغرب متى تحقق فعل من أفعال
الاستمرار بأن دخل إليه حامل السلاح بدون رخصة أو الفعل المكون للاعتياد في
الجريمة الاعتيادية.
II) الاستثناءات على القاعدة:
وهي مكونة من نوعين:
أ- عدم
تطبيق القانون الجنائي على جرائم ارتكبت في الإقليم بالنظر لأوصاف متعلقة بمرتكبها
خروجا على قاعدة المساواة أمام القانون
الجنائي لعدة اعتبارات. وقد أشار إلى هذا النوع من الاستثناءات الفصل 10 من
المجموعة الجنائية بقوله: مع مراعاة الاستثناءات المقررة في القانون الداخلي والدولي،
وهي استثناءات لها ما يبررها من المصلحة الوطنية والدولية.
Ø وبخصوص
الاستثناءات المقررة بمقتضى القانون العام الداخلي نذكر:
- الحصانة
المطلقة المقررة للملك بمقتضى الفصل 23 من الدستور
- الحصانة
المقيدة لأعضاء البرلمان بمناسبة إبداء آرائهم أو تصويتهم ما عدا إذا كان الرأي
يجادل في النظام الملكي أو الدين الإسلامي أو يتضمن ما يخل بالاحترام الواجب للملك
الفصل 39 من الدستور فهي حماية محددة النطاق
Ø وفي القانون الدولي نذكر:
-
الحصانة المطلقة لرؤساء الدول
الأجنبية وأسرهم والوفد المرافق لهم بالنظر لما يمثلون من سيادة دولهم.
-
الحصانة الدبلوماسية للمثل
الدبلوماسي وأسرته وقد حددت اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية سنة 1961 نطاق هذه
الحصانة وهي اتفاقية مرجعة في باب الحصانة وفق القانون الدولي.
-
الحصانة المقررة لأعضاء السلك
القنصلي أثناء قيامهم بمهامهم أو بسببها مع ملاحظة أنه في الحالتين الأخيرتين يظل
الفعل جريمة ويجوز لدولهم محاكمتهم حسب اتفاقية فيينا المبرمة سنة 1969 وما تضمنت
من إعفاء من القضاء الجنائي للدولة المعتمدين لديها لكن هذا لا يمنع من خضوعهم
لقضاء دولهم.
ب- امتداد القانون الجنائي المغربي خارج حدود إقليم الدولة
ليحكم جرائم وقعت في الخارج لعدة اعتبارات، وينص على هذه الإمكانية الفصل 12 من
مجموعة القانون الجنائي ونجد لها عدة تطبيقات يظهر من خلالها أن المشرع استند
أحيانا في الامتداد على جنسية الجاني وأحيانا على جنسية الضحية وأحيانا نوع
الجريمة.
1- مراعاة
جنسية الجاني:
امتداد القانون الجنائي إلى خارج الإقليم
إن القانون الجنائي في هذه
الحالة يطبق تطبيقا شخصيا وهو قانون الجاني وهي حالة الجناية أو الجنحة في نظر
القانون المغربي التي ترتكب بالخارج من قبل شخص له جنسية مغربية وقت الارتكاب أو
حصل عليها بعد ذلك (707+708+709
م .ج). فالقانون الجنائي المغربي يمتد إلى هذه الجريمة خروجا على قاعدة إقليمية
ق.ج وذلك حتى لا يفلت من العقاب إن رجع إلى المغرب بحكم قاعدة عدم تسليم المواطن
التي يأخذ بها المغرب (م 721 م
الجنائية) وكذا احتراما لسمعة المغرب في علاقاته الخارجية لكن ظلت بشروط.
-
أن تكون الجريمة المرتكبة من
نوع جناية أو جنحة وفق القانون المغربي وليس مخالفة أي على درجة من الجسامة.
-
أن يكون الجاني من جنسية مغربية
وقت الارتكاب أو بعده
-
أن يعود إلى المغرب أيا كان سبب
عودته فلا يحاكم غيابيا وهو خارج البلاد
-
أن لا يثبت أنه صدر عليه حكم في
الخارج حائز لقوة الشيء المقضى به (حكم نهائي غير قابل للطعن) وهذا تطبيق لقاعدة
عامة في القانون الداخلي بمقتضاها لا يتابع الشخص مرتين عن نفس الوقائع كما أن هذا
يعطي حلا الممكن بين قانون جنائي أجنبي مع القانون الجنائي المغربي
وفي حالة الإدانة أن يثبت أنه
قضى العقوبة أو تقادمت أو أنه استفاد من العفو في ذلك البلد ونلاحظ أن المشرع أخذ
أيضا بعائق صدور عفو رغم أن العفو يخضع عادة الاعتبارات محلية وتقديرية وسكت عن
حالة العفو العام.
وبخصوص الجنحة ضد شخص لا يمكن
إجراء المتابعة إلا بطلب من النيابة العامة بعد توصلها بشكاية من الطرف المتضرر أو
بناء على بلاغ سابق من سلطات البلد الذي
ارتكبت في الجريمة (م 708 م .ج)
- ونرى أنه كان يجب إضافة شرك
أن يكون الفعل مجردا وفق قانون الدولة التي ارتكب فيها بالنسبة للجنح
كما تختص المحاكم المغربية
بالنظر في الجنايات والجنح المرتكبة على متن طائرات أجنبية إذا كان الجاني أو
المجني عليه مغربيا (706 م .ج)
2- مراعاة
جنسية الضحية وامتداد القانون الجنائي المغربي :
فالقانون الجنائي هنا يريد
حماية الضحية المغربية، فالدولة تسهر على حماية رعاياها ولو في الخارج وهي حماية
احتياطية ما دامت القاعدة أن القانون الجنائي للدولة يضمن الحماية لجميع المقيمين
بها بغض النظر عن جنسية الضحايا.
ومن تطبيقات هذه الحالة المادة 710 م .ج التي نصت على أن كل أجنبي يرتكب خارج
المغرب جناية يعاقب عليها القانون المغربي يمكن متابعته والحكم عليه حسب القانون
المغربي إذا كان ضحيتها مغربيا ما لم يثبت في حالة إدانته بحكم الحائز لقوة الشيء
المقضى به أنه قضى العقوبة أو تقادمت، كما نذكر أيضا الحالة المشار إليها سابقا في
المادة 706 م .ج
هذا ويجب أن يكون الضحية مغربيا وقت ارتكاب الجريمة إلا لو ارتكبها مغربي ضد مغربي
فالأمر يدخل في الحالة السابقة.
هذا ونشير إلى أهمية وجود
اتفاقيات دولية بخصوص السفن والطائرات نذكر منها اتفاقية موريال 23 شتنبر 1971
الخاصة بزجر الأعمال الغير مشروعة الموجهة ضد سلامة الطيران المدني.
- الاتفاقية الموقعة بلاهاي 16
دجنبر 1970 المتعلقة بزجر اختطاف الطائرات.
- الاتفاقية المبرمة بطوكيو 14
شتنبر 1963 بجرائم ترتكب على متن الطائرات
وبالنسبة للسفن نذكر اتفاقية
جنيف 1958
واستنادا إلى ذلك فإن المحاكم
المغربية تختص بالنظر في الجنايات والجنح المرتكبة على متن طائرة أجنبية إذا حطت
بالمغرب بعد الإرتكاب المادة 706
م .ج وكذلك اختصاصها في الجنايات والجنح داخل الميناء
المغربي على متن سفينة تجارية أجنبية (م 705 م .ج)
3- مراعاة
نوع الجريمة: امتداد خارج الإقليم
ويعتبر عن هذا الوضع أحيانا
عينية القانون الجنائي ويقصد بذلك تطبيق القانون الجنائي المغربي على جرائم
يعتبرها خطيرة تمس كيان الدولة ولو وقعت خارجها وهي محددة على سبيل الحصر، فالضحية
المباشر فيها هو الدول بالنظر لأهمية المصلحة المعتدى عليها مما يبرر امتداد
القانون الجنائي المغربي إلى الخارج أي كانت جنسية مرتكب تلك الجرائم مخافة أن لا
تهتم الدولة مكان الإرتكاب بتجريم أو عقاب تلك الجرائم مما قد يشجع اللجوء لها
لترتكب في إقليمها أضرارا بدولة أخرى وهي هنا المغرب.
وقد نصت على هذا المادة 711 م .ج بشكل من التوسع مقارنة
مع قانون المسطرة الجنائية السابق إذ جاء فيها: "يحاكم حسب مقتضيات القانون
الجنائي المغربي كل أجنبي يرتكب خارج أراضي المملكة بصفته فاعلا أو مساهما أو
مشاركا جناية أو جنحة ضد أمن الدولة أو تزييفا لخاتم الدولة أو تزوير للنقود أو
الأوراق البنكية الوطنية المتداولة بالمغرب بصفة قانونية أو جناية ضد أعوان أو مقر
البعثات الدبلوماسية أو القنصلية أو المكاتب العمومية المغربية."
وإذا ارتكبها المغربي خارج
المغرب بصفته فاعلا أو مساهما أو شريكا يعد كما لو ارتكبها داخل المغرب لكن لا تقع
المتابعة أو المحاكمة إذا أثبت أنه حوكم من أجل نفس الفعل بالخارج بحكم حائز بقوة
الشيء المقضى به وأدلى حالة الإدانة بما يفيد أنه قضى العقوبة أو تقادمت.
وهذا فبخصوص هذه الجرائم لا يهم
مكان ارتكابها ولو خارج المغرب ولا تهم جنسية مرتكبها ولو أجنبيا وكان يجب إضافة
ولو عديم الجنسية وسواء كانت مجرمة وفق قانون المكان أم لا.
ج- عالمية القانون الجنائي في
إطار التعاون الدولي:
إن ضرورة التعاون الدولي من أجل
مكافحة الجرائم الخطيرة التي تتجاوز آثارها وتنظيماتها حدود دولة واحدة أفضى إلى
تجاوز نسبي لإقليمية القانون الجنائي في اتجاه عالمية تطبيقه حتى لا يفلت الجناة
من العقاب بتنقلهم من دولة مكان الارتكاب إلى دولة أخرى خاصة في إطار الجريمة
المنظمة وجرائم الإرهاب ليطبق عليه قانون الدولة التي قبض عليه فيها أيا كانت
جنسيته أو جنسية الضحية خروجا على القاعدة العامة أن المحاكم الوطنية لا تفترض
حالة كون الجريمة ارتكبت عند إنجازها من قبل أجنبي وكون الضحية أجنبي لذلك تصبح
الدولة التي يوجد بها المتهم حسب هذا التوجه الدولي إما تسلمه أو تحاكمه وفق
قانونها الوطني الاتفاقية الدولية التي اندمجت هذا القانون .
ومن تطبيقات هذا التوجه اتفاقية
الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة الموقعة بمدينة بالرمو PALERMO بتاريخ
12-12-2000 التي صادق عليها المغرب ونشرها. واتفاقية الأمم المتحدة بخصوص الجرائم
ضد الأشخاص المتمتعين بحماية دولية نيويورك 14-12-1973 والتي قام المغرب بنشرها
أيضا والاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب الموقعة في القاهرة في 22 أبريل 1998
والتي صادق عليها المغرب ونشرها.
سادسا: تقسيم الجرائم بالنظر
إلى الركن القانوني:
تقسم الجرائم تقسيما أساسا
تترتب عليه عدة نتائج قانونية سيما الاختصاص والمسطرة والطعن في الأحكام التقادم
إلى غير ذلك إلى: جنايات وجنح ومخالفات، ويعد هذا التقسيم الثلاثي للجرائم جوهريا
بالنظر للآثار المترتبة عليه ويقوم على أساس العقوبة المقررة قانونا للجريمة لا
العقوبة المحكوم بها.
والعقوبات تقسم قانونا إلى
عقوبات جنائيا أصلية، وهي حسب الفصل 16 من القانون الجنائي، الإعدام، السجن
المؤبد، المؤقت من 5 سنوات إلى 30 سنة، الإقامة الإجبارية، التجريد من الحقوق
الوطنية وعقوبات جنحية أصلية وهي حسب الفصل 17 كما وقع تعديله بقانون رقم 25.93
المنشور بالجريمة الرسمية عدد 4266 بتاريخ 3 غشت 1944 ( الحبس، الغرامة التي
تتجاوز 1200 درهم).
وأقل مدة الحبس شهر وأقصاها 5
سنوات باستثناء حالة العود (الرجوع إلى الإجرام) وغيرها التي يحدد فيها القانون
مددا أخرى.
وعقوبات ضبطية أصلية وهي حسب
الفصل 18 من القانون الجنائي كما عدل وفق القانون المشار إليه:
1- الإعتقال لمدة تقل عن شهر
2- الغرامة من 30 إلى 1200 درهم
وتطبيق هذا المعيار (أي معيار
العقوبات المقررة) يمكن بالنظر إلى العقوبة التي حددها المشرع للجريمة أن نعرف ما
إذا كانت جناية إذا كانت العقوبة جناية أو جنحة إذا كانت العقوبة الأصلية جنحة أو
مخالفة إذا كانت العقوبة الأصلية ضبطية.
أتمنى من الناشر تزويدنا بفصول التي تذكر الاستثناءات الواردة على الفصل 10 من ق ج
RépondreSupprimer