الاعتقال الاحتياطي م 175 إلى 188 ق م ج


الاعتقال من الإجراءات الخطيرة التي تتخذها سلطة التحقيق ،ذلك أنه يؤدي إلى سلب الحرية الشخصية للفرد، فقد عرف الاعتقال الاحتياطي منذ حقبة قديمة، حيث كانت التشريعات المصرية تعرف نظام الحبس الاحتياطي، كما تعرضت إليه الشريعة الإسلامية قبل ثبوت الإدانة التي تسمح للقاضي بإسناد الجرم وبالتالي توقيع العقوبة، وقد سبقت الشريعة الإسلامية القوانين الوضعية في تقرير بعض الحقوق والامتيازات للمعتقل احتياطيا تمييزا له عمن ثبتت إدانته ومن ذلك حق أقاربه وجيرانه في زيارته واستشارته وهو ما يقابله اليوم اتصال المتهم بالمحامي، وبدوره المشرع المغربي كغيره من التشريعات الأخرى لقد رأى في الاعتقال الاحتياطي أنه إجراء استثنائي لذا فقد أجاز القانون اعتقال المتهم بصفة احتياطية ومؤقتة مراعاة لمصلحة التحقيق. 

وان كان المشرع المغربي في قانون المسطرة الجنائية لم يعرف الاعتقال الاحتياطي فقد عرفه الأستاذ بن حدو عبد السلام بأنه عبارة عن وضع الشخص رهن تصرف القضاء، قضاء التحقيق أو الحكم الى أن يبت في أمره وهو إجراء خطير لأنه يؤدي إلى فقد الشخص حريته مع أن إدانته تكون لازالت لم تثبت بعد بصفة قانونية ، كما عرفه معوض عبد التواب بأنه إجراء تحفظي حيال المتهم يدخل ضمن سلطات التحقيق الجنائي أي أنه إجراء من إجراءات التحقيق لا المحاكمة حتى ولو تتم أثناء محاكمة المتهم . 
من هنا يتضح أن الاعتقال الاحتياطي من أخطر الإجراءات التي تتخذها سلطة التحقيق لأنه يؤدي إلى سلب حرية المتهم بينما الأصل في سلب الحرية أنه جزاء جنائي لا يوقع إلا بمقتضى حكم قضائي بالإدانة، ومع ذلك فقد رأى فيه المشرع إجراء تقتضيه مصلحة التحقيق فقرة بقيود تحد من نطاقه إلى الدرجة التي لا يتجاوز فيها تحقيق المصلحة العامة ، فالمساس بالحقوق الشخصية للفرد لا تبرره إلا مصلحة أعلى هي حماية المجتمع الذي يكفل لكل شخص حماية حريته فلا يقبض عليه أو يعتقل احتياطيا أو يفتش هو أو مسكنه إلا في الأحوال التي ينص عليها صراحة في القانون وبناء على أمر صادر من موظفين تتوافر فيهم ضمانات خاصة تكفل استقلالهم وسلامة تصرفاتهم ولقدسية الحرية الشخصية ينص عليها غالبا في صلب دساتير الدول التي تعتبر القوانين العليا للبلاد . 
لقد خص المشرع المغربي الاعتقال الاحتياطي وما يتعلق به بعدد من المواد 
(175 إلى 188 ق.م.ج) من قانون المسطرة الجنائية، فأقر هذا التدبير وأكد على استثنائيته. 
وبعد هذه التوطئة المجملة واللازمة لفهم الإطار الذي يندرج في الاعتقال الاحتياطي، يحق لنا أن نتساءل ما هي شروط الاعتقال الاحتياطي؟ وما هي مسطرة انتهاء الاعتقال الاحتياطي؟ 
وعلى ضوء هذه الإشكالات والتساؤلات الأخرى سنحاول الإلمام بهذا الموضوع من خلال مبحثين على الشكل الآتي: 

المبحث الأول: أحكام الاعتقال الاحتياطي 
المبحث الثاني: تنفيذ الاعتقال الاحتياطي وانتهائه 

المبحث الأول: 
أحكام الاعتقال الاحتياطي 

الاعتقال الاحتياطي من إجراءات التحقيق سواء كان ابتدائيا وانتهائيا يتم أمام المحكمة ونظرا لأن هذا الإجراء له تأثير على الحرية الشخصية وجب احاطته بضمانات تحمي المتهم من العبث بحريته وتجعل تطبيقه في الإطار المحدد له والأجدر أن يعهد به إلى سلطة لها استقلالها وكفاءتها وحسن تدبيرها مما يخول اتخاذ هذا الإجراء. 
وتكفل المتهم تحقيق دفاعه وعدم استعمال هذا الحق فالمبدأ العام أن السلطة التي تقوم بالتحقيق هي التي تتوفر على حق إصدار الأمر بالاعتقال الاحتياطي غير أنه متى انتقلت القضية من مرحلة التحقيق لتقع بين يدي الموضوع أصبح الاعتقال وكذا الإفراج من اختصاص هذه السلطة، وعلى هذا فأمر الاعتقال الاحتياطي يمنح ثلاث سلط خلال كل من مرحلتي التحقيق والمحاكمة ففي المرحلة الأولى يعود الاختصاص أما للنيابة العامة أو قاضي التحقيق أما في 
المرحلة الثانية فيعود الاختصاص لقاضي الموضوع. 
ولهذا سنتطرق في هذا المبحث لأحكام الاعتقال الاحتياطي وذلك بتقسيمه إلى مطلبين: 
نتعرف في المطلب الأول على شروط الاعتقال الاحتياطي أما المطلب الثاني سنتناول مدة الاعتقال الاحتياطي. 

المطلب الأول: شروط الاعتقال الاحتياطي 

أوجب المشرع المغربي احترام القواعد القانونية المتعلقة بالاعتقال الاحتياطي الواردة في المواد من 175 إلى 188 من قانون المسطرة الجنائية، إذ لا يجوز صدور الأمر بالاعتقال الاحتياطي إلا إذا توفرت الشروط التي اشترطها المشرع المغربي، وتتلخص في ضرورة استنطاق المتهم قبل إعلان صدور قرار الاعتقال أو ما يصطلح عليه باستجواب المتهم أن تكون الجريمة مما يجوز فيها الاعتقال الاحتياطي إذ يجوز الاعتقال الاحتياطي إذا كانت الواقعة جناية أو جنحة معاقب عنها بخمس سنوات حبسا وإذا كانت العقوبة الجنحية تقل عن خمس سنوات فان قاضي التحقيق يكون مختصا مطلقا بإجراء تحقيق ويمكن اللجوء إليه في الجنح التي تقل عقوبتها في خمس سنوات بنص خاص . 
أما فيما يتعلق بشروط الاعتقال الاحتياطي في الجنايات فهي طبقا للمادة 277 من ق.م.ج لا يمكن أن يتعدى أمد شهرين" 
ثم أن تكون هناك دلائل كافية تنبيء عن ارتكاب المتهم للجريمة المنسوبة إليه . 
وعليه سيتم التطرق إلى استنطاق المتهم (الفقرة الأولى) ثم ارتكاب المتهم جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس (الفقرة الثانية). 
الفقرة الأولى: استنطاق المتهم 
لا يصح أمر الاعتقال إلا من قبل قاضي التحقيق فلا يصح اتخاذه من قبل النيابة العامة أو من ضابط الشرطة القضائية ولابد من استنطاق المتهم أمام قاضي التحقيق قبل اتخاذ الأمراء ضده ، هذا ويتعين أن يستمع قاضي التحقيق إلى المتهم كي تتجمع لديه عناصر تقدير ملائمة هذا الأمر وهذا ما سيفسح المجال أمامه للدفاع عن نفسه ذلك من أجل دحض ما كان منسوبا إليه إما إذا لم يتحقق هذا الشرط أو شابه أي عيب كعيب البطلان فان الأمر بالاعتقال الاحتياطي، يكون كذلك باطلا وهذا ما نصت عليه المادة 210 من ق.م.ج، يجب مراعاة مقتضيات المادتين 134 و135 من هذا القانون المنظمتين للحضور الأول للاستنطاق والمادة 139 المتعلقة بحضور المحامي أثناء الإستنطاقات والمواجهات والمواد 59 و60 و62 و101 المنظمة للتفتيشات وذلك تحت طائلة بطلان الإجراء المعيب والإجراءات الموالية له ...". 
كما تطلب المشرع المصري إذا كان من أمر بالحبس الاحتياطي هو قاضي التحقيق أن يسمع أقوال النيابة العامة قبل أن يصدر أمره (المادة 136 من قانون الإجراءات الجنائية) وعلة هذا الشرط أن تتجمع لديه عناصر التقدير ولا محل لهذا الشرط بداهة إذا كانت النيابة العامة هي التي تتولى التحقيق ولكن لا تسمع أقوال المجني عليه والمدعي المدني قبل إصدار الأمر بالحبس الاحتياطي المادة 152 من قانون الإجراءات الجنائية . 
ونرجع المشرع المغربي ليبين كيفية استنطاق المتهم التي ترتكز على ضرورة الإجابة من طرف الأخير على الأسئلة الموجهة إليه، وذلك من أجل التوصل إلى الحقيقة والإحاطة بمجريات النازلة. 
فالاستنطاق بالمعنى القانوني هو الاستفسار العادي الذي تقوم به السلطة خلال فترة زمنية محددة والتي تكون مقررة للمتهم أثناء استنطاق والمشرع المغربي نظرا لأهمية هذا الإجراء أحاطه بالعديد من الأحكام والضمانات أشار إليها في الفصل 210 من ق.م.ج نوجزها فيما يلي: 
1-إن قاضي التحقيق ملزم في أول مقابلة بأن يتأكد من هوية المتهم واشعاره بحقه في اختيار من ينوب عنه أو من يؤازره ويشعره بأن له الحق في الامتناع عن الكلام في الاستنطاق الأولي مع العلم أن المشرع سمح المتهم بالتنازل عن هذا الحق. 
كما أن المشرع نص في المادة 135 من ق.م.ج أنه في الحالة الإستعجالية فلقاضي التحقيق أن يتلقى تصريحات المتهم في الحال مع ذكره لأسباب الاستعجال. 
2-يجوز للمتهم الذي رفض اختيار المحامي أن يترجح عن رفضه في أي وقت شاء، كما أجاز له المشرع الاتصال بمحاميه بكل حرية خلال الاستنطاق أو بعده غير أن هذه الحرية لا تمنع قاضي التحقيق بإصدار أمر يمنع المتهم من الاتصال بالغير سوى المحامي لمدة عشرة أيام قابلة للتحديد مرة واحدة 
3-كما ورد في المادة 139 من ق.م.ج أنه "لا يجوز سماح المتهم والطرف المدني أو مواجهتهما إلا بحضور محامي كل منهما، وبعد استدعاء هؤلاء المحامين بصفة قانونية كما أنه لابد من استدعاء المحامي يوما أو يومين قبل استنطاق المتهم ويجب ان يوضع الملف بين يدي المحامي قبل الاستنطاق بيوم واحد. 
هذا ومنع المشرع المغربي المحامي من توجيه الأسئلة مباشرة بل عن طريق قاضي التحقيق غير أنه يجوز له استثناء أن يحصل على إذن من لدن قاضي التحقيق وذلك بأن يدلي بأسئلة للمتهم هذه الأسئلة تسجل بمحضر هذا وجاء في المادة 141 من ق.م.ج أن محاضر الاستنطاق والمواجهات توضح وفقا للكيفيات المنصوص عليها في المادتين 124 و126. 
الفقرة الثانية: ارتكاب المتهم لجناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس 
يشترط أن تكون الجريمة مما يجوز فيها الحبس الاحتياطي إذا كانت الواقعة جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة شهور كما يجوز الحبس الاحتياطي أيضا في الجنح التي لا يزيد مدة اعتقال المتهم فيها عن ثلاثة شهور هذا ما لم يكن مقيم أو مستقر في مصر، وهذا ما نص عليه المشرع المصري. 
أما المشرع المغربي فإنه يضع من بين الشروط أن يرتكب المتهم لجناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة أقل من عامين اثنين هذا ما لم يكن المتهم مستوطنا خارج المغرب أو سبق الحكم عليه من أجل جناية أو جنحة عادية حبس تزيد مدته على ثلاثة أشهر نافذة . 
لكن يصح اتخاذ قرار الاعتقال إذا كان ما هو منسوب إلى المتهم جنحة معاقب عليها بالغرامة ورغم أن المشرع لم ينص على هذا الشرط صراحة إلا أنه منصوص عليه في الأمر بإلقاء القبض لكن من باب أولى ان يشترط في الاعتقال الاحتياطي الأمر بالإيداع في السجن أثناء حالة التلبس بالجنحة كما هو منصوص عليه في ق.م.ج أو أنه منعدم الضمانات الكافية للحضور على ما هو منصوص عليه في الفصل 76 بمقتضى ظهير 30 دجنبر 1991. 
إلى جانب هذا لوحظ أن الاجتهاد القضائي قد أضاف إلى الشروط الأولى شرط آخر وهو أن تكون الجريمة شكل خطورة بحيث ينص المجلس الأعلى على ما يلي: 
"إذا قدم الظنين في حالة التلبس استنادا إلى الفصل 76 من ق.م.ج كان للنيابة العامة الحق في اعتقاله إذا كانت لا تقوم فيه الضمانات أو كانت الجريمة ذات خطورة . 
أما المشرع المصري، فيضيف شرط آخر ألا وهو وجوب توفر دلائل كافية إذ أن هذه الدلائل لها مدلول وهي دلائل على وقوع الجريمة وعلى نسبتها إلى المتهم الذي يصدر ضده الأمر بالحبس ويتعين ان نستخلص منها كذلك ملائمة الحبس ويختص بتقديم هذه الدلائل المحققة وتراقب محكمة الموضوع تقديره . 

المطلب الثاني: مدة الاعتقال الاحتياطي 

يعتبر نظام الاعتقال الاحتياطي إجراء استثنائيا حيث إن حرية المتهم تقيد به ذلك ما استلزم تقييده بمدة معينة ومحددة في القانون لكي لا يبقى إجراء تطغى عليه الإرتجالية فقد حظيت فكرة تقييده بمدة معينة باهتمام العديد من المؤتمرات الدولية . 
ولقد حرصت التشريعات الإجرائية على معالجة موضوع مدة الاعتقال الاحتياطي، بيد أنها اختلفت في أسلوب هذه المعالجة بين من يرى وضع حد أقصى للاعتقال الاحتياطي في جميع الجرائم، حيث يستوي في ذلك الجنايات والجنح أما رأي آخر فاتجه على القول بوضع حد أقصى للاعتقال الاحتياطي في مواد الجنح فحسب دون الجنايات. 
ونحى المشرع المغربي بدوره نفس هذا المنحى حيث خضع أجراء الاعتقال الإحتياطي وخاصة مدته لعدة تعديلات انتهت مدة الاعتقال الاحتياطي فمن قانون المسطرة الجنائية لسنة 1962 كانت مدة الاعتقال الاحتياطي عموما هي أربعة أشهر قابلة للتمديد كلما كانت الضرورة تلح ذلك أما بعد تعديل سنة 2003. 
فقد أصبحت مدة الاعتقال الاحتياطي وكذا تمديد مدته محدد بمقتضى نصوص قانونية تلزم بعدم تجوازها ، ولذا سنبين مدة الاعتقال الاحتياطي في (الفقرة الأولى) تم تمديد مدته (الفقرة الثانية). 
الفقرة الأولى: المدة الأصلية للاعتقال الاحتياطي 
لجأ المشرع المغربي منذ تعديل المسطرة الجنائية لسنة 2003 إلى تحديد مدة الاعتقال الاحتياطي، فقد كانت منذ قانون 1991 محددة في شهر واحد فيما يخص الجنح وشهرين فيما يخص الجنايات فما هو التحديد الذي أعطاه قانون المسطرة الجنائية المعدل سنة 2003 لمدة الاعتقال الاحتياطي. 
حدد المادتين 176 و177 من ق.م.ج مدتين للاعتقال الاحتياطي تتخذ كل واحد منها في حالة معينة. 
أولا: مدة شهر واحد 
وهي مدة الاعتقال الاحتياطي المسموح بها لا تتعدى فيه المدة شهرا واحدا ويتعلق الأمر بالقضايا الجنحية وفي هذه الحالة إذا ظهرت عند انقضاء مدة الشهر ضرورة استمرار الاعتقال الاحتياطي جاز لقاضي التحقيق تمديد فترته بمقتضى أمر قضائي معلل وخاص وبناء على طلبات النيابة العامة المدعمة هي الأخرى بأسباب ولا يمكن في هذه الحالة تمديد فترة الاعتقال الاحتياطي إلا مرتين ولنفس المدة. 
وإذا لم يتخذ قاضي التحقيق خلال مدة الاعتقال أمرا في القضية المعروضة عليه، فإنه يفرج عن المتهم بقوة القانون ويستمر التحقيق . 
ويطهر مما تقدم أن المتهم يمكن اعتقاله في القضايا الجنحية أكثر من شهر واحد، وعموما فإن اعتقاله احتياطيا لا يمكن أن يزيد عن ثلاثة أشهر. 
ثانيا: مدة شهرين 
تتخذ هذه المدة في غير ما سبق ذكره من الحالات حيث يؤمر بالاعتقال لشهرين قابلة للتمديد حمس مرات ولنفس المدة وذلك إذا كانت الأفعال توصف بالجناية ويتم التمديد بأمر قضائي معلل يصدره القاضي بناء على طلبات النيابة العامة المدعمة أيضا بأسباب ويفرج بقوة القانون عن المتهم إذا لم يتخذ أي اجراء خلال مدة الاعتقال ويستمر التحقيق. 
ويثور الإشكال بالنسبة للحالة التي يصدر فيها أمر بإلقاء القبض واعتقال الشخص الموجود بالخارج استنادا إلى إجراءات تسليم المجرمين يطرح المجرمين التساؤل حول التاريخ الذي يبدأ فيه احتساب مدة الاعتقال الاحتياطي هل هو تاريخ إلقاء القبض على المتهم في الخارج أم تاريخ تسليمه إلى السلطات القضائية المغربي . 
كما تثار ضمن مدة الاعتقال الاحتياطي حالة التلبس بالجناية المعاقبة بغير الإعدام أو السجن المؤبد حين يتولى الوكلاء العامون في هذه الحالة تحريك الدعوى العمومية ويمارسون التحقيق فيها. 
وتبقى على هذا التحديد أن الحبس اقتضته مصلحة التحقيق ومن تم كانت له بطبيعته صفة عارضة مؤقتة فلا وجه لأن يمتد إلى ما يجاوز ما تقتضيه هذه المصلحة إذ امتداده إلى ما يجاوز ذلك يناقض علة شرعيته، وبالإضافة إلى ذلك فقد استهدف الشارع لتحديد المدد القصوى للحبس أن يحفز سلطة التحقيق إلى التعجيل فيه كي لا تجد نفسها تجريه وقد تجردت من إحدى وسائلها فيه، ويبرر هذا التحديد في النهاية أن الحبس الاحتياطي إجراء بغيض إلى المشرع إذ ينطوي على سلب الحرية لا يستند إلى حكم قضائي ومن تم أراد حصره في نطاق زمني ضيق . 
الفقرة الثانية: تحديد مدة الاعتقال الاحتياطي 
لقد حدد المشرع المغربي فترة الاعتقال الاحتياطي في شهرين قابلة للتجديد خمس مرات بمقرر معلل يعد أخذ رأي النيابة العامة في الموضوع (الفصل 177 ق.م.ج) وهو قرار قابل للطعن بالاستئناف من طرف المتهم وغاية المشرع من ذلك هي اطلاع قاضي التحقيق على الإجراءات المتخذة خلال هذه المدة والعمل على تنفيذ أدلة كافية ضد المتهم تم إن عدم تمديد فترة الاعتقال الاحتياطي في وقتها المحدد، يجعل المتهم في وضع غير قانوني يمكن معه لمدير السجن أن يفرج عنه لأنه لا موجب بين يديه لاستمرار الاعتقال ومن أجل ذلك كانت الرقابة المستمرة لفترات . 
ولقد حدد المشرع مسطرة لتمديد الاعتقال الاحتياطي، تتجلى في صدور أمر قضائي من طرف قاضي التحقيق بتمديد الاعتقال يعد اطلاعه على طلب الوكيل العام للملك ويجب أن يكون طالب الوكيل العام للملك مدعما بأسباب هذا التمديد كما أن أمر قاضي التحقيق يجب أن يكون من جهته معللا تعليلا خاصا، وورود لفظ "خاصا" له دلالة مهمة حيث أن عدم استكمال التحقيق وضرورة البحث تمثل تعليلا عاما، بل المقصود من التعليل الخاص أن يدلي قاضي التحقيق بما قام به في شان هذا الملف، فيبين العراقيل التي تسببت في عدم انتهاء التحقيق وهو ما يتيح الرقابة العليا لرئيس الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف على تقريرات قاضي التحقيق طبقا للفصل 284 ق.م.ج. 
والتعليل الخاص يدفع النيابة العامة ممثلة في شخص وكيل الملك بصفتها الساهرة على تنفيذ أوامر قاضي التحقيق (الفصل 40 ق.م.ج) إلى الإسراع بكل الإجراءات التي تعرقل التحقيق كعدم حضور الشهود الذين تكون شهادتهم حاسمة، وخاصة حينما يتعلق بمقدم أو شيخ أو أحد رجال السلطة كما أن طلب الوكيل العام المدعم بالأسباب يجب أن يدل على أن النائب العام قد اطلع على الملف ودرسه دراسة وافية اعتبارا لصفته مستشارا لقاضي التحقيق. 
إلا أنه على مستوى العمل فإن بعض النيابات العامة لا تدرس ملفات المعتقلين الاحتياطيين عند نهاية فترات الاعتقال الاحتياطي دراسة شاملة وواعية، بل تطلب التمديد بصفة تلقائية وتعتمد في ذلك على مطبوع معبأ لهذه الغاية يؤشر عليه من طرف النائب دون أن يطلع على محتويات الملف فيتعرف على شوائب التحقيق والأوامر التي لم تنفذ ويستوعب النتائج الأولية التي أسفر عنها التحقيق ليقرر ما إذا كان بالإمكان عدم تمديد فترة الاعتقال الاحتياطي أو أن الضرورة تستلزم إبقاء المتهم رهن الاعتقال وقد دفعت مشكلة استفحال تمديد الاعتقال الاحتياطي بعض الفقه ، إلى اقتراح جعل التمديد الثاني للاعتقال الاحتياطي في يد قاضي التحقيق بعد إجازة رئيس الغرفة الجنحية وذلك بإعطاء نظرة حول الاعتقال الاحتياطي وتتضمن هذه الإجازة إحدى العبارات التالية: 
1- إن رئيس الغرفة لا يرى مانعا في التمديد 
2- إن رئيس الغرفة يرى وضع حد التمديد 
3- إن رئيس الغرفة يرى أن التحقيق قد استكمل ولا حاجة للاستمرار فيه. 
وعموما فإن جميع اجراءات تمديد مدة الاعتقال الإحتياطي يجب أن تتم في وقتها المحدد أي قبل انقضاء مدة الإعتقال الجارية وإذا لم تتخذ في هذا الوقت فإن المعتقل يعتبر مفرجا عنه بقوة القانون وحبسه يعتبر اعتقالا استبداديا. 
وبالنسبة للتشريع الفرنسي فإن تمديد مدة الإعتقال الإحتياطي يكون بعد أربعة اشهر بقرار معلل من قاضي التحقيق حسب سوابق المتهم وعقوبة الجريمة ويكون هذا التمديد على أحد وجهين. 
1- تمديد مخفف: لا يجوز إلا مرة واحدة مدته لا تزيد على شهرين 
2- تمديد مشدد: يجوز اتخاذه لأكثر من مرة وفقا لما تقتضيه الحالة بعد مضي سنة ولا يتخذ إلا بعد مرافعة حضورية وتوافر ظروف استثنائية. 
وفي مصر يجب أن لا تزيد مدة الإعتقال الإحتياطي على ستة شهور ما لم يكن المتهم قد أعلنت إحالته على المحكمة المختصة قبل انتهاء هذه المدة، فإذا كانت التهمة جناية جاز للمحقق قبل انقضاء المدة الحصول على أمر من المحكمة بتمديد الإعتقال مدة لا تزيد 
أو مدد أخرى مماثلة ويستنتج من ذلك أن الإحالة على المحكمة في الجنح تسمح بالإعتقال الإحتياطي مدة غير محددة تتجاوز ستة أشهعلى خمسة واربعين يوما قابلة للتجديد لمدة 
ر .

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

طمس معالم الجريمة و إتلاف الأدلة

القانون الجنائي الجزء2: أهم المدارس الجنائية

جريمة الإغتصاب المادة 486